سورة مريم - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (3) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)} [مريم: 19/ 1- 6].
كان لزكريا عليه السلام شركة في خدمة الهيكل، وكانت مريم البتول عليها السلام التي نذرتها أمها لخدمة الهيكل من نصيب كفالة زكريا فهو زوج أختها، فلما رأى إكرام الله تعالى لمريم ورزقها من حيث لا تحتسب، دعا أن يرزقه الله تعالى الولد، وهذه هي القصة.
افتتحت سورة مريم بالأحرف المقطعة (كهيعص) للتنبيه لما يذكر في هذه السورة، وتحدي العرب بالإتيان بمثل القرآن، ما دام الكلام القرآني مركبا من حروف الهجاء العربية التي هي مادة تركيب الجملة والكلام العربي نثرا وخطابة وشعرا، فوجود هذه الحروف لمعان معينة، وليس في كتاب الله ما لا يفهم، ثم أعقبت هذه الأحرف بما يلي:
هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك عبده زكريا، الذي كان أحد الأنبياء العظام لبني إسرائيل، وزوجته خالة (عيسى). والمراد بذكر الرحمة: بلوغها وإصابتها وإجابة الله دعاء زكريا. وذلك حين نادى زكريا، أي نادى بالدعاء والرغبة، في حال من إخفاء النداء، لأن الأعمال الخفية أفضل وأبعد عن الرياء، ومنه قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما رواه أحمد وغيره: «خير الذكر الخفي».
وقال بعض العلماء: يستحب الإخفاء بين العبد ومولاه في الدعاء الذي هو في معنى القبول والمغفرة لأنه يدل من الإنسان على أنه خير، فإخفاؤه أبعد من الرياء، وأما دعاء زكريا وطلبه، فكان في أمر دنيا، وهو طلب الولد، فإنما أخفاه لئلا يلومه الناس في ذلك، وليكون على أول أمره، إن أجيب نال بغيته، وإن لم يجب لم يعرف أحد بذلك. ويقال: وصف بالخفاء لأنه كان في جوف الليل.
قال زكريا، عليه السلام، في دعائه الخفي: يا رب، لقد صرت فاتر العظام، ضعيف البنية والقوى، هرما كثير الشيب، ولم أعهد منك إلا إجابة الدعاء، ولم تردني قطّ فيما سألتك، فما كنت خائبا، بل كنت كلما دعوتك استجبت لي. وإني خفت أقاربي العصبات من بني العم ونحوهم إهمال أمر الدين وتضييعه من بعد موتي، فطلبت ولدا نبيا من بعدي، يحرس بنبوته شأن الدين والوحي، وكانت زوجتي عاقرا لا تلد.
فكانت مسوغات الدعاء ثلاثة: ضعف البدن مع عقم امرأته، وكونه مستجاب الدعاء، وخوفه من ورثته من ضياع الدين بعد موته. ولم يكن خوفه من إرث المال، لأن الأنبياء لا يورثون، جاء في الصحيحين أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا نورث، ما تركناه صدقة».
وفي رواية: «نحن معشر الأنبياء لا نورث».
فامنحني وأعطني من جنابك وواسع فضلك وليا يلي أمر الدين، يكون ولدا من صلبي، يرثني النبوة، ويرث ميراث آل يعقوب، وهي وراثة العلم والنبوة، على الراجح، لا وراثة المال، فيرث ما عندهم من العلم، ويقوم برعاية أمورهم في الدين، واجعله يا رب برّا تقيا مرضيا عندك في أخلاقه وأفعاله، ترضاه وتحبه أنت، ويرضاه عبادك ويحبونه، ليكون أهلا لحمل رسالة الدين، وتعليمه وتبليغه، وإقامة شعائره.
وأما يعقوب فهو إسرائيل، وكان زكريا متزوجا بأخت مريم بنت عمران، ويرجع نسبها إلى يعقوب.
ولهذه الآية نظائر في القرآن الكريم، مثل: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38)} [آل عمران: 3/ 38]. ومثل: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (89)} [الأنبياء: 21/ 89].
ويلاحظ أن زكريا عليه السلام لما رأى من حاله، إنما طلب وليا أي ناصرا، ولم يصرح بالولد، لبعد ذلك بسبب عقم المرأة، وكبر سنه. ووصف الولي بأن يكون وارثا، يرث من آل يعقوب الحكمة والعلم والنبوة، والميراث في هذا كله استعارة.
والخلاصة: إن طلب زكريا وجود ولي يرث العلم والنبوة في غاية السمو والإخلاص والحرص على دوام الخير والفضل الإلهي.
قصة يحيى عليه السلام:
من العجائب أو خوارق العادات والمعجزات: ولادة عيسى عليه السلام من غير أب، وولادة يحيى بن زكريا عليه السلام: من أم عاقر، وأب شيخ كبير، وهذا بحسب توقعات البشر المعتادة والقدرات الشائعة، أما على قدرة الله تعالى العظمى فإن الأمر يهون لأن الخلق والأمر والإرادة الإلهية فورية الأثر، لا يتأخر شيء عن مراد الله إذا شاء، حتى ولو كان المعتاد خلاف ذلك، وهكذا ولد يحيى عليه السلام ببركة دعاء أبيه زكريا، مع أنه كان شيخا هرما، وامرأته عاقر لا تلد، قال الله تعالى واصفا هذا الحادث:


{يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)} [مريم: 19/ 7- 11].
استجاب الله تعالى دعاء زكريا عليه السلام طلب ولي يرثه العلم والنبوة، فقيل له بإثر دعائه: إنّا نبشرك بغلام يولد لك اسمه (يحيى) لم يسبق أحد تسميته بهذا الاسم.
قال قتادة: سمي يحيى لأن الله تعالى أحياه بالنبوة والإيمان.
وقال بعضهم: سمي، لأن الله أحيا به الناس بالتدين. وقوله تعالى: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} معناه في اللغة: لم نجعل له مشاركا في هذا الاسم، أي لم يسمّ قبل بيحيى.
وقال ابن عباس: «لم تلد العواقر قبله مثله».
فتعجب زكريا النبي الرسول من هذه البشارة حين أجيب دعاؤه، وفرح فرحا شديدا، وسأل عن كيفية ما يولد له، والوجه الذي يأتيه منه الولد، مع أن امرأته كانت عاقرا لم تلد من أول عمرها، مع كبرها وكبر زوجها. وقوله سبحانه: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} معناه: انتهى سنه، وكبر ونحل عظمه، وفقد القدرة على جماع النساء.
قال الله تعالى عن طريق الملك مجيبا زكريا عما تعجب منه: الأمر كما قلت، سنهب لك ولدا، على الرغم من العقم والهرم، هو علي سهل ميسور، إذا أردت شيئا قلت له: (كن) فيكون، وقد خلقتك ابتداء، وأوجدتك من العدم المحض، ولم تك شيئا قبل ذلك، فإيجاد الولد وتهيئة الرحم، من طريق التوالد المعتاد أهون من ذلك وأسهل منه.
وهذا دليل على القدرة الإلهية التي لا نظير لها، فإن الله تعالى يسهل عليه كل شيء، وأمر الخلق من العدم أو من طريق التوالد ولو مع وجود الكبر والعقم، سواء في شأن القدرة الخالقة.
فقال زكريا متعرفا أمارة أو وقت البشارة بالمولود: يا رب اجعل لي علامة، ودليلا على وقت وجود الغلام المبشر به، وهو حمل امرأتي، لتستقر نفسي، ويطمئن قلبي بما وعدتني، لأن الحمل كما هو معروف خفي المبدأ، ولا سيما ممن انقطع حيضها في الكبر.
فأجابه الله تعالى مرة أخرى وحقّق مطلبه قائلا بواسطة الملك: علامتك على وقوع المطلوب المسؤول، وحصول البشر فعلا من الله سبحانه بحمل امرأتك بابنها يحيى: أن يعتقل لسانك، ويحبس عن الكلام، فلا تقدر على تكليم الناس، ومحاورتهم مدة ثلاث ليال، وأنت صحيح سوي الخلق، ليس بك آفة أو مرض أو بكم أو علة تمنعك من الكلام. وذلك كما جاء في آية أخرى: {قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (41)} [آل عمران: 3/ 41].
وقوله تعالى: «ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا» معناه صحيح الخلق، سوي من غير مرض ولا علة.
فخرج زكريا على قومه من المحراب: وهو مصلاه الذي بشّر فيه بالولد. وكان الناس ينتظرونه للصلاة في الغداة والعشي، فأشار إليهم إشارة خفية سريعة، ولم يستطع أن يكلمهم بذلك، مضمونها: أن يقولوا في الصباح والمساء في صلاتي الفجر والعصر: سبحان الله، وأن يذكروا الله، شكرا لله على ما أولاه، وقد كان أخبرهم بما بشّر به قبل ذلك. وفي الجملة: إن تعجب زكريا بهذه البشارة في قوله: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} ليست شكا في قدرة الله تعالى على خلق الأشياء من غير مثال سابق، ولا إنكار لما أخبر الله تعالى به، وإنما كان ذلك على سبيل التعجب والانبهار من قدرة الله تعالى من ولادة ولد من أم عاقر وأب عجوز كبير.
نبوة يحيى عليه السلام في عهد الصّبا:
لا تكون النبوة أو الرسالة والتكليف بمهامها عادة إلا بعد سن الأربعين، ليكتمل العقل والوعي، والنضج الفكري، والكمال الجسدي والعاطفي، واستثناء من هذا المبدأ العام قد تكون النبوة ممنوحة من بداية الحياة، مثل عيسى، عليه السلام، إذ جعله الله رسولا، وهو في مهد الطفولة، ويحيى عليه السلام الذي آتاه الله النبوة في عهد الصبا، كما جاء في قوله تعالى: {وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}.
لذا بدأ يحيى، عليه السلام، ممارسة مهام النبوة وهو صغير، فكان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يعمّدهم في نهر الأردن للتوبة من الخطايا، وقد أخذ النصارى طريقته، وسموه: (يوحنا المعدان).
قال الله تعالى محددا تكليف يحيى بالنبوة منذ الصغر:


{يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (14) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)} [مريم: 19/ 12- 15].
بعد أن ولد يحيى المولود السعيد الأسعد المبشر لزكريا عليه السلام في سن الشيخوخة، قال الله للمولود: {يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ} خاطبه الله تعالى بعد أن بلغ المبلغ المقبول أو المعقول الذي يخاطب به الإنسان، فقال له: يا يحيى خذ التوراة المتدارسة، والتي يحكم بها النبيون، والتي هي نعمة على بني إسرائيل، بجد واجتهاد، وعزيمة، وحرص على العمل بها.
ثم أورد الله تعالى ما أنعم به من نعم على يحيى عليه السلام وعلى والديه ووصفه بسبع صفات وهي:
- آتيناه أو أعطيناه الحكم والفهم للكتاب والفقه في الدين، والإقبال على الخير، وهو صغير حدث، دون سبع سنين.
- وحنانا من لدنا، أي رحمناه رحمة من عندنا، وأشفقنا عليه وأحببناه، أو تعظيما من لدنا كما قال عطاء، أو جعلناه ذا حنان، أي رحمة وشفقة ومحبة.
- وزكاة أي وجعلناه ذا زكاة، أي تطهير وتنمية في وجوه الخير والبر، أي مطهرا من الدنس والرجس والآثام والذنوب.
- وكان تقيا، أي متجنبا المعاصي، مطيعا الله تعالى.
- وبرأ بوالديه، أي وكثير البر والطاعة لوالديه، متجنبا عقوقهما قولا وفعلا، أمرا ونهيا، فهو مطيع لله ولأبويه.
- ولم يكن جبارا عصيا، أي لم يكن متكبرا على الناس، بل كان متواضعا لهم، ولم يكن مخالفا عاصيا ما أمره به ربه، روى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال:
قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا».
وفي رواية أخرى عند الحاكم وغيره عن عبد الله بن عمرو: «كل ابن آدم يأتي يوم القيامة، وله ذنب، إلا ما كان من يحيى بن زكريا صلوات الله عليه».
وتكميلا لهذه الأوصاف العالية السامية ليحيي عليه السلام، كان جزاؤه الحسن من الله تعالى هو: {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} أي له الأمان من الله في هذه الأحوال الثلاثة: أمان عليه من الله يوم الولادة، فقد أمن مسّ الشيطان له في ذلك اليوم، ويوم الموت، حيث أمن عذاب القبر، ويوم البعث إذا أمن أهوال يوم القيامة وعذابه.
قال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون المرء في ثلاثة مواطن: يوم ولد، فيرى نفسه خارجا مما كان فيه، ويوم يموت، فيرى قوما لم يكن عاينهم، ويوم يبعث، فيرى نفسه في محشر عظيم، فأكرم الله يحيى بن زكريا، فخصه بالسلام عليه، فقال: {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}.
قال ابن عطية: والأظهر عندي أنها التحية المتعارفة، فهي أشرف وأشبه من الأمان لأن الأمان متحصل له، فيبقى العصيان عنه.
نعمت هذه الخصائص لسيدنا يحيى بن زكريا عليه السلام، فإنه انفرد بها، وعظم بين الناس بسببها في حال حياته، وبعد استشهاده، لأن اليهود قتلوه مع أبيه زكريا، وهو الملقب بيحيى الحصور، روي أنه لم يواقع معصية صغيرة ولا كبيرة.
قال قتادة رحمه الله: (إن يحيى بن زكريا، عليه السلام، لم يعص الله قطّ بكبيرة ولا صغيرة، ولا هم بامرأة).
وقال قتادة أيضا: وكان طعام يحيى صلوات الله عليه العشب، وكان للدمع في خدّه مجار ثابتة.
وكان يحيى ابن خالة عيسى عليهما السلام، وقد التقيا، فقال يحيى لعيسى: «ادع لي، فأنت خير مني، فقال له عيسى: بل أنت ادع لي، فأنت خير مني، سلّم الله عليك، وأنا سلّمت على نفسي».
حمل السيدة مريم بعيسى عليه السلام:
إذا كان خلق يحيى عليه السلام من أبوين كبيرين محل تعجب واستغراب، فإن هناك خلقا أعجب للناس، هو خلق عيسى عليه السلام الطاهر النقي من غير أب، والخلق الأعجب من الأمرين: هو خلق آدم عليه السلام أبي البشر من غير أب ولا أم، وكل ذلك داخل في مضمون قدرة الله الخارقة، الشاملة لإحداث الأشياء وإيجادها من غير مثال سبق، والحديث الآن عن الحالة الثانية وهي حمل السيدة مريم بابنها عيسى عليه السلام من غير أب، قال الله تعالى:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7